كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال في المغني: وذكر أبو الخطاب في هذا، والذي قبله روايتين والأولى: تحريمه، لأنه ينبت للطيب، ويتخذ منه، فأشبه الزعفران والعنبر. قال القاضي يقال: إن العنبر ثمر شجر وكذلك الكافور. اهـ. من المغني.
وفي المغني أيضًا: وإن مس من الطيب ما يعلق بيده كالغالية، وماء الورد والمسك المسحوق الذي يعلق بأصابعه فعليه الفدية، لأنه مستعمل للطيب، وإن مس ما لا يعلق بيده كالمسك غير المسحوق، وقطع الكافور والعنبر، فلا فدية لأنه غير مستعمل للطيب، فإن شمه فعليه الفدية لأنه يستعمل هكذا، وإن شم العود، فلا فدية عليه لأنه لا يتطيب به هكذا. اهـ. من المغني.
وقال في المغني أيضًا: فكل ما صبغ بزعفران، أو ورس، أو غمس في ماء ورد، أو بخر بعود، فليس للمحرم لبسه ولا الجلوس عليه، ولا النوم عليه نص أحمد عليه، وذلك لأنه استعمال له، فأشبه لبسه، ومتى لبسه أو استعمله، فعليه الفدية.
وبذلك قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إن كان رطبًا يلي بدنه أو يابسًا ينفض فعليه الفدية، وإلاَّ فلا، لأنه ليس بمتطيب ثم قال صاحب المغني: وإن انقطعت رائحة الثوب، لطول الزمن عليه أو لكونه صبغ بغيره فغلب عليه بحيث لا يفوح له رائحة إذا رش فيه الماء، فلا بأس باستعماله لزوال الطيب منه. وبهذا قال سعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن عطاء، وطاوس، وكره ذلك مالك، إلا أن يغسل، ويذهب لونه: لأن عين الزعفران ونحوه فيه. ثم قال: فأما إن لم يكن له رائحة في الحال لَكِن كان بحيث إذا رش فيه الماء فاح ريحه: ففيه الفدية، لأنه متطيب بدليل أن رائحته تظهر عند رش الماء فيه. والماء لا رائحة له، وإنما هي من الصبغ الذي فيه. فأما إن فرش فوق الثوب ثوبًا صفيقًا يمنع الرائحة والمباشرة: فلا فدية عليه بالجلوس، والنوم عليه، وإن كان الحائل بينهما ثياب بدنه ففيه الفدية، لأنه يمنع من استعمال الطيب في الثوب الذي عليه كمنعه من استعماله في بدنه. اهـ. من المغني.
وأما العصفر: فليس عندهم بطيب، ولا بأس باستعماله، وشمه، ولا بما صبغ به.
قال في المغني: وهذا قول جابر، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعقيل بن أبي طالب، وهو مذهب الشافعي، وعن عائشة وأسماء، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: «أنهن كن يحرمن في المعصفرات» وكرهه مالك: إذا كان ينتفض في بدنه، ولم يوجب فيه فدية، ومنع منه الثوري، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن وشبهوه بالمورس، والمزعفر، لأنه صبغ طيب الرائحة فأشبه ذلك. اهـ.
والأظهر: أن العصفر ليس بطيب مع أنه لا يجوز لبس المحرم، ولا غيره للمعصفر، وقد قدمنا فيه حديث ابن عمر، عن أبي داود «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسه الورس والزعفران من الثياب، وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب من معصفر أو خز» الحديث وهو صريح في أن العصفر: ليس بطيب. وقد قدمنا الكلام على هذا الحديث.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء، وهن محرمات، ويلبسن المعصفر وهنَّ محرمات».
وقال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يعقوب بن عطاء، وثقه ابن حبان، وضعّفه جماعة. اهـ. وسيأتي ما يدل على منع لبس المعصفر مطلقًا.
وقال صاحبُ المغني أيضًا: ولا بأس بالمصبوغ بالمغرة، لأنه مصبوغ بطين لا بطيب، وكذلك المصبوغ بسائر الأصباغ، سوى ما ذكرنا، لأن الأصلَ الإباحة، إلا ما ورد الشرع بتحريمه، وما كان في معناه، وليس هذا كذلك، وأما المصبوغ بالرياحين: فهو مبني على الرياحين في نفسها، فما منع المحرم من استعماله منع من لبس المصبوغ به إذا ظهرت رائحته، وإلا فلا، وهذا الذي ذكرنا هو حاصل مذهب الإمام أحمد في الطيب للمحرم، ولا فرق عنده بين قليل الطيب وكثيره، ولا بين قليل اللبس وكثيره، كما تقدمَ إلا أنه يفرق بين تعمُّد استعمال الطيب، واللبس وبين استعماله لذلك ناسيا، فإن فعله متعمدًا أثم وعليه الفدية، وإزالة الطيب، واللباس فورًا، وإن تطيب، أو لبس ناسيا: فلا فدية عليه، ويخلع اللباس، ويغسل الطيب.
قال ابن قدامة في المغني: المشهور أن المتطيب ناسيا، أو جاهلًا لا فدية عليه، وهو مذهب عطاء، والثوري، وإسحاق، وابن المنذر. انتهى محل الغرض منه، ثم ذكر أن الذي يستوي عمده ونسيانه في لزوم الكفارة ثلاثة أشياء: وهي الجماع، وقتل الصيد، وحلق الرأس، وأن كل ما سوى هذه الثلاثة يفرق فيه بين العمد والنسيان. وذكر أن الإمام أحمد نقل عن سفيان أن الثلاثة المذكورة يستوي عمدها ونسيانها في لزوم الكفارة.
وقال في المغني: ويلزمه غسل الطيب، وخلع اللباس، لأنه فعل محظورًا، فيلزمه إزالته، وقطع استدامته كسائر المحظورات، والمستحب أن يستعين في غسل الطيب بحلال لئلا يباشر المحرم الطيب بنفسه. ويجوز أن يليَهُ بنفسه، ولا شيء عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي رأى عليه طيبًا أو خلوقًا «اِغسل عنكَ الطيبَ» ولأنه تارك له، فإن لم يجدْ ما يغسله به، مسحه بخرقة، أو حكه بترابٍ، أو ورقٍ أو حشيش، لأن الذي عليه إزالته بحسب القدرة. وهذا نهاية قدرته ثم قال: وإذا احتاج إلى الوضوء، وغسل الطيب، ومعه ماء لا يكفي إلا أحدهما: قدم غسل الطيب ويتيمم للحدث، لأنه لا رخصة في إبقاء الطيب، وفي ترك الوضوء إلى التيمم رخصة، فإن قدر على قطع رائحة الطيب بغير الماء فعل، وتوضّأ فإن المقصود من إزالة الطيب قطع رائحته، فلا يتعين الماء والوضوء، بخلافه اهـ منه. وهذا خلاصة المذهب الحنبلي في مسألة الطيب للمحرم.
ومذهب الشافعي في هذه المسألة: أنه يحرم على الرجل والمرأة استعمال الطيب، ولا فرق عنده بين القليل والكثير، واستعمال الطيب عنده: هو أنْ يلصق الطيب ببدنه، أو ملبوسه على الوجه المعتاد في ذلك الطيب. فلو طيب جزءًا من بدنه بغالية، أو مسك مسحوق، أو ماء ورد: لزمته الفدية، سواء كان الإلصاق بظاهر البدن أو باطنه، فإن أكله أو احتقن به، أو استعط، أو اكتحل أو لطخ به رأسه، أو وجهه أو غير ذلك من بدنه أثِمَ، ولزمته الفديةُ، ولا خلاف عندهم في شيءٍ من ذلك، إلا الحقنة والسعوط ففيهما وجه ضعيف: أنه لا فدية فيهما، ومشهور مذهب الشافعي: وجوب الفدية فيهما، ولو لبس ثوبًا مبخّرًا بالطيب، أو ثوبًا مصبوغًا بالطيب، أو علق بنعله طيب، لزمته الفدية عند الشافعية ولو عبقت رائحة الطيب دون عينه، بأن جلس في دكان عطار أو عند الكعبة، وهي تبخر أو في بيت يبخر ساكنوه: فلا فدية عليه بلا خلاف، ثم إن لم يقصد الموضع لاشتمام الرائحة، لم يكره، وإن قصده لاشتمامها ففي كراهته قولان: للشافعي أصحهما: يكره، وبه قطع القاضي أبو الطيب، وآخرون، وهو نصه في الإملاء، والثاني: لا يكره، وقطع القاضي حسين: بالكراهة، وقال: إنما القولان في وجوب الفدية، والمذهب الأول، وبه قطع الأكثرون.
قاله النووي ثم قال: ولو احتوى على مجمرة فتبخّر بالعود بدنه أو ثيابه: لزمته الفدية، بلا خلاف، لأنه يُعد استعمالًا للطيب، ولو مس طيبًا يابسًا كالمسك والكافور، فإن علق بيده لونه وريحه وجبت الفدية، بلا خلاف، لأن استعماله هكذا يكون، وإن لم يعلق بيده شيء من عينه، لَكِن عبقت به الرائحة، ففي وجوب الفدية قولان الأصح عند الأكثرين وهو نصه في الأوسط: لا تجب، لأنها عن مجاورة فأشبه من قعد عند الكعبة، وهي تبخر، والثاني: تجب. وصححه القاضي أبو الطيب، وهو نصه في الأم والإملاء والقديم، لأنها عن مباشرة، وإن ظن أن الطيب يابس فمسه، فعلق بيده ففي الفدية عند الشافعية قولان أصحهما: لا تجب عليه الفدية، خلافًا لإمام الحرمين. وأما إن مس الطيب، وهو عالم بأنه رطب وكان قاصدًا مسه، فعلق بيده، فعليه فدية عندهم، ولو شد مسكًا أو كافورًا، أو عنبرًا في طرفِ ثوبه أو جبته: وجبت الفدية عندهم قطعًا، لأنه استعمال له، ولو شد العود فلا فدية، لأنه لا يعد تطيبًا، بخلاف شد المسك، ولو شم الورد فقد تطيب عندهم، بخلاف ما لو شم ماء الورد، فإنه لا يكون متطيبًا عندهم، بل استعمال ماء الورد عندهم هو أن يصبه على بدنه أو ثوبه ولو حمل مسكًا، أو طيبًا غيره في كيس، أو خرقة مشدودًا، أو قارورة مصممة الرأس، أو حمل الورد فيوعاء: فلا فدية عليه. نص عليه في الأم وقطع به الجمهور: وفيه وجه شاذٌ: أنه إن كان يشمه قصدًا: لزمته الفدية، ولو حمل مسكًا في قارورة غير مشقوقة: فلا فدية في أصح الوجهين. ولو كانت القارورة مشقوقة، أو مفتوحةَ الرأس، فعن جماعة من الأصحاب الشافعيين: تجب الفدية، وخالف الرافعي قائلًا: إن ذلك لا يعد تطيبًا، ولو جلس على فراشٍ مطيب أو أرض مطيبة، أو نام عليها مفضيًّا إليها ببدنه أو ملبوسه: لزمته الفدية عندهم. ولو فرش فوقه ثوبًا، ثم جلس عليه، أو نام: لم تجب الفدية.
نص عليه الشافعي في الأم. واتفق عليه الأصحاب، لَكِن إن كان الثوب رقيقًا كره، وإلا فلا، ولو داس بنعله طيبًا لزمته الفدية، وإن خفيت رائحة الطيب في الثوب لطول الزمان، فإن كانت تفوح عند رشه بالماء حرم استعماله، وإن بقي لون الطيب دون ريحه، لم يحرم على أصح الوجهين. ولو صب ماء ورد في ماء كثير، حتى ذهب ريحه ولونه: لم تجب الفدية باستعماله في أصح الوجهين. فلو ذهبت الرائحة، وبقي اللون، أو الطعم فحكمه عندهم حكم من أكل طعامًا فيه زعفران أو طيب. وذلك أن الطيب إن استهلك في الطعام، حتى ذهب لونه، وريحه وطعمه: فلا فدية. ولا خلاف في ذلك عندهم، وإن ظهر لونه وطعمه، وريحه وجبت الفدية، بلا خلاف، وإن بقيت الرائحة فقط: وجبت الفدية لأنه يعد طيبًا، وإن بقي اللون وحده، فطريقان مشهوران أصحهما: أن فيه قولين الأصح منهما: أنه لا فدية فيه، وهو نص الشافعي في الأم والإملاء والقديم الثاني: تجب الفدية، وهو نصه في الأوسط والطريق الثاني: أنه لا فدية فيه قطعًا، وإن بقي الطعم وحده ففيه عندهم ثلاث طرق أصحها: وجوب الفدية قطعًا: كالرائحة، والثاني: فيه طريقان بلزومها وعدمه، والثالث: لا فدية، وهذا ضعيف أو غلط. وحكى بعض الشافعية طريقًا رابعًا: وهو أنه لا فدية قطعًا ولو كان المحرم أخشم لا يجد رائجة الطيب، واستعمل الطيب: لزمته الفدية عندهم، بلا خلاف لأنه وجد منه استعمال الطيب مع علمه بتحريم الطيب على المحرم فوجبت الفدية وإن لم ينتفع به كما لو نتف شعر لحيته أو غيرها من شعوره التي لا ينفعه نتفها قال النووي: وممن صرح بهذا المتولي، وصاحب العدة والبيان. اهـ.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لزوم الفدية للأخشم الذي لا يجد ريح الطيب، إذا استعمل الطيب، مبني على قاعدة هي: أن المعلل بالمظان لا يتخلف بتخلف حكمته، لأن مناط الحكم مظنة وجود حكمة العلة، فلو تخلفت في صورة لم يمنع ذلك من لزوم الحكم كمن كان منزله على البحر، وقطع مسافة القصر في لحظة في سفينة، فإنه يباح له قصر الصلاة والفطر في رمضان بسفره، هذا الذي لا مشقة فيه، لأن الحكم الذي هو الرخصة علق بمظنة المشقة في الغالب، وهو سفر أربعة برد مثلًا والمعلل بالمظان لا تتخلف أحكامه، بتخلف حكمها في بعض الصوَر كما عقده بعض أهل العلم بقوله:
إن علل الحكم بعلة غلب ** وجودها اكتفى بذا عن الطب

لها بكل صورة... إلخ. وإيضاحه: أن الغالب كون الإنسان يجد ريح الطيب، فأنبط الحكم بالأغلب الذي هو وجوه ريح الطيب، فلو تخلفت الحكمة في الأخشم الذي لا يجد ريح الطيب لم يتخلف الحكم لإناطته بالمظنة، وقد أوضحنا هذه المسألة وأكثرنا من أمثلتها في غير هذا الموضع.
وقد تقرر في الأصول: أن وجود الحكم مع تخلف حكمته من أنواع القادح المسمى بالكسر، وقد أشار إلى ذلك صاحب المراقي بقوله في مبحث القوادح:
والكسر قادح ومنه ذكرا ** تخلف الحكمة عنه من درا

وهذا الذي قررنا في مسألة الأخشم مبني على القول، بأن الكسر بتخلف الحكمة عن حكمها، لا يقدح في المعلل بالمظان، كما أوضحنا، والعلم عند الله تعالى.
واعلم: أن الحكمة في اصطلاح أهل الأصول: هي الفائدة التي صار بسببها الوصف علة للحكم، فتحريم الخمر مثلًا حكم والإسكار هو علة هذا الحكم، والمحافظة على العقل من الاختلال: هي الحكمة الت يمن أجلها صار الإسكار علة لتحريم الخمر، وقد عرف صاحب المراقي الحكمة بقوله:
وهي التي من أجلها الوصف جرى ** علة حكم عند كل من دَرَى

وعلة الرخصة بقصر الصلاة والإفطار في رمضان: هي السفر، والحكمة التي صار السفر علة بسببها: هي تخفيف المشقة على المسافر مثلًا، وهكذا.
واعلم: أن علماء الشافعية قالوا: إنه يشترط في الطيب الذي يحكم بتحريمه: أن يكون معظم الغرض منه التطيب، واتخاذ الطيب منه، أو يظهر فيه هذا الغرض. هذا ضابطه عندهم.
ثم فصلوه فقالوا: الأصل في الطيب: المسك، والعنبر، والكافور، والعود، والصندلن والذريرة، وهذا كله لا خلاف فيه عندهم قالوا: والكافور صمغ شجر معروف.
وأما النبات الذي له رائحة فأنواع:
منها: ما يطلب للتطيب، واتخاذ الطيب منه كالورد والياسمين، والخيرى، والزعفران، والورس ونحوها، فكل هذا طيب. وعن الرافعي وجه شاذ في الورد والياسمين والخيرى: أنها ليست طيبًا والمذهب الأول.
ومنها: ما يُطلب للأكل والتداوي غالبًا، كالقرنفل والدارصيني، والفلفل، والمصطكى، والسنبل وسائر الفواكه كل هذا وشبهه ليس بطيب، فيجوز أكله وشمه وصبغ الثوب به، ولا فدية فيه سواء قليله وكثيره، ولا خلاف عند الشافعية في شيء من هذا إلا القرنفل، ففيه وجهان عندهم. والصحيح المشهور أنه ليس بطيب عندهم.
ومنها: ما ينبت بنفسه، ولا يُراد للطيب كنور أشجار الفواكه كالتفاح، والمشمش، والكمثرى، والسفرجل، وكالشيح، والقيصوم، وشقائق النعمان والإذخر، والخزامي، وسائر أزهار البراري، فكل هذا ليس بطيب فيجوز أكله وشمه، وصبغ الثوب به، ولا فدية فيه، بلا خلاف.
ومنها: ما يُتطيب به، ولا يتخذ منه الطيب: كالنرجس، والآس، وسائر الرياحين وفي هذا النوع عند الشافعية طريقان.
أحدهما: أنه طيب قولًا واحدًا.
والطريق الثاني: وهو الصحيح المشهور عندهم: أن فيه قولين مشهورين الصحيح منهما، وهو قوله الجديد: أنه طيب موجب للفدية. القول الثاني وهو القديم: أنه ليس بطيب، ولا فدية فيه. اهـ. والحناء والعصفر ليسا بطيب عند الشافعية بلا خلاف على التحقيق، خلافًا لمن زعم خلافًا عندهم في الحناء.
واعلم: أن الأدهان عند الشافعية ضربان أحدهما دهن ليس بطيب، ولا فيه طيب، كالزيت، والشيرج، والسمن، والزبد، ودهن الجوز، واللوز ونحوها.
فهذا لا يحرم استعماله في جميع البدن، ولا فدية فيه، إلا في الرأس، واللحية، فيحرم عندهم استعماله فيهما بلا خلاف، وفيه: الفدية. لأنه إزالة للشعث، إن كان في الرأس واللحية، فإن كان أصلع لا ينبت الشعر في رأسه فدهن رأسه أو أمرد فدهن ذقنه: فلا فدية عندهم في ذلك، بلا خلاف، وإن كان محلوق الرأس فدهنه بما ذكر، ففيه عندهم وجهان: أصحهما: وجوب الفدية بناء على أن الشَّعر إنْ نبت جَمله ذلك الدهن، الذي جعل عليه، وهو محلوق والوجه الثاني: لا فدية، لأنه لا يزول به شعث. واختاره المزني وغيره ولو كان برأسه شجة فجعل هذا الدهن في داخلها من غير أن يمس شعر رأسه: فلا فدية، بلا خلاف، ولو طلى شعر رأسه ولحيته بلبن جاز: ولا فدية، وإن كان اللبن يستخرج منه السمن، لأنه ليس بدهن ولا يحصل به ترجيل الشعر، والشحم، والشمع عندهم، إذا أُذيبا كالدهن يحرم على المحرم ترجيل شعره بهما.